حبا الله المدينة المنورة مكانة رفيعة عالميًا، في قلوب وعقول مليار ونصف مسلم، الأمر الذي انعكس بشكل أو بآخر على حجم التعاملات على عقار المدينة المنورة خاصة في السنوات الأخيرة عقب ما شهدته البلاد عمومًا من نهضة شاملة تهدف بشكل واضح إلى تحويل سوق العقارات العام إلى الأفضل. وفي المقدمة بالطبع بجوار سوق عقارات المدينة كلًا من سوق عقارات الرياض بالذات بعد القرار الحكومي بإلزام الشركات العالمية نقل مقراتها الإقليمية إلى الرياض وإلا لن تحصل على عقود تعاون مع الدولة، وهو ما عزز من ارتفاع الطلب على شقق للبيع في الرياض لإيجاد مقرات عمل تسير منها تلك الشركات أعمالها في المنطقة العربية، وكذلك مساكن لموظفيها الأجانب، ولا يختلف نفس التأثير على حركة مبيعات وتأجير فلل للبيع في الرياض ، أما بالنسبة للأسواق المحلية في المدن التي تمتلك مقومات الأنشطة الاستثمارية الدولية، أمثال سوق عقارات جدة فنشاط الحركة أعلى وأشد، وأيضًا على المنتجات الرائجة أمثال شقق تمليك جدة . ولا نحتاج لتأكيد أن الاستثماري محقق مع شقق للبيع المدينة المنورة من قبل هذه القرارات لما سبق وأشرنا إليه من المكانة الدولية الطبيعية التي تتمتع بها حاضنة الحرم النبوي الشريف والعاصمة الإسلامية الأولى في التاريخ الإسلامي، وهي المكانة التي كما استدعت الرواج والانتشار الدولي، استدعت كذلك ارتفاع أسعار عقارات المدينة بشكل عام والسكنية على وجه التحديد، خاصةً تلك الواقعة داخل حدود الحرم أو على مقربة منه، أو واقعة في أحياء المدينة العريقة والمتطورة والفاخرة، لتشهد بذلك أسعار شقق للايجار بالمدينة المنورة حي النصر وبالمثل اسعار شقق للايجار بالمدينة المنورة حي سلطانة ... وغيرهم الكثير ارتفاعا ملحوظًا. هذا إلى جانب ارتفاع اسعار اراضي للبيع المدينة المنورة جنبًا إلى جنب مع توجه الدولة إلى التوسع العمراني لمدى جغرافي أبعد بكثير عن الحدود التقليدية للمدينة، مما خلق مجتمعات سكنية جديدة، وأيضًا التوجه نحو إزالة الأحياء العشوائية وإعادة تطويرها، مما جعل العقارات الواقعة في الأحياء القديمة تنال نصيبها من زيادة الأسعار، من شواهد ذلك القفزات السعرية التي ألمّت بمنتجات عقار المدينة المنورة العزيزية المختلفة، وكذلك منتجات عقار المدينة حي المطار التجارية والإدارية فضلًا عن السكنية.
وعلى الرغم من هذا الارتفاع غير المسبوق خلال السنوات القليلة الماضية، تحديدًا بدايةً من العام 2018م، لم تؤثر بأي حال من الأحوال على استقرار صعود مؤشر عقارات المدينة بأنواعها العقارية ومواصفاتها المعمارية المتعددة، كما ذلك الحاصل في حجم الطلب على عقار المدينة المنورة حي السلام الذي لم ينخفض عما كان عليه في السابق. تلك الطفرة السوقية في حجم صفقات عقارات للبيع في المدينه وقيم تلك الصفقات؛ جاءت مدعومة بنمو عام يشهده سوق عقار المملكة كله، جزء منه ساهم فيه توجهات الدولة الجديدة من حيث عدم الاعتماد على النفط كمصدر رئيسي ووحيد للعملة الصعبة، وجزءه الأكبر ساهم فيه إقبال المستثمرين الأجانب على ضخ رؤوس الأموال في الاقتصاد السعودي بصفة عامة، ومجالات الاستثمار العقاري بصفة خاصة، تفاؤلًا بحصيلة الارقام والاحصائيات والتوقعات المحلية والدولية التي تُنبئ جميعًا بتجاوز المملكة في غضون سنوات قليلة فقط دول مجموعة العشرين الثلاث الأولى التي ظلت على مدار تاريخها تعتلي عرش الاقتصاد العالمي. وقد أشار لهذا بدقة لأكثر من مرة سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان أثناء المقابلة التليفزيونية التي أجراها منذ أيام قليلة مع قناة فوكس نيوز الأمريكية، والذي تحدث خلالها بثقة منقطعة النظير مدعمًا حديثه بالأرقام الرسمية الصادرة عن مؤسسات مرموقة دوليًا قبل إقليميًا عن تخطي اقتصاد المملكة اقتصاديات كبرى ظلت هي الوحيدة لعقود الجاذبة لرؤوس الأموال الأجنبية. من المؤثرات الأخرى التي لا يمكن اعتبارها فرعية حتى ولو كانت ذات أثر محدود بعض الشيء؛ السعي نحو استضافة المملكة بحلول 2030 ما مجموعة 30 مليون حاج ومعتمر، وبطبيعة الحال كل هؤلاء سيقيمون في مكة والمدينة بشكل رئيسي، هذا العدد كفيل بمضاعفة أسعار بيع وأسعار ايجارات عقار المدينة الرانوناء على سبيل المثال، لأن مالك أي وحدة عقارية يتطلع إلى تعدد العملاء أمامه فيختار هو منهم أكثر من يحقق له عائدًا جاريًا مرتفعًا على رأس المال، بخلاف أن يُجبر على زبون معين بسعر معين، حتى ولو كانت الوحدة المملوكة تعاني مشكلات، أو أن كانت بعيدة بعض الشئ عن مركز الجذب في المدينة، كما حال ملاك عقار المدينة الذين أصبحوا يطلبون أسعار ايجارية غير مسبوقة.
ما ذكرناها سابقًا يُعطي نظرة تشاؤمية على مستوى أسعار عقارات للبيع في المدينة المنور ة السكنية والتجارية، وهي نظرة وإن كانت تتضمن الكثير من الواقعية والحقيقة، إلا أن سوق عقار المدينة لا يزال يحتفظ للمستثمرين الصغار وأصحاب الميزانيات المتوسطة بالكثير من المفاجآت. فالخطط العمرانية التوسعية التي بدأت تنفذها الدولة هناك، وصممت ونفذت لأجلها الطرق الدائرية السريعة الجديدة، ساهمت بشكل مباشر في تكوين مجتمعات عمرانية جديدة لا تزال قيد الإنشاء، وتلك المجمعات السكنية الجديدة تعد فرصة الفرص في تملك وحدة سكنية عصرية بمواصفات هندسية وتصاميم جمالية تتبع المعايير العالمية، وفي نفس الوقت رخيصة. وأسباب رخص أسعارها هنا يرتكز على أن أغلبها بتنفيذ كامل أو شبه كامل من وزارة الإسكان السعودية، فهي هنا المراقب لقيم المعاملات العقارية التي تتم على تلك الوحدات، فضلًا عن طرحها وبيعها يتم على الخارطة كحال كل الأحياء الجديدة في أي مكان في العالم، وهي الخاصية التي تتدخل في تقليص أسعار الوحدات بشكل كبير. من الأسباب أيضًا؛ تدخل الوزارة بشكل مباشر في تحجيم السوق عن طريق طرح مبادرات وبرامج لدعم السكن، كتلك الكثيرة المتوفرة من خلال منصة سكني السعودية، ويبرز من بينها مبادرة دعم المسكن الأول للأسر السعودية والتي تساند فيه الدولة الأسر المتوسطة الدخل بغرض انضمامهم لشريحة ملاك العقارات بالسكن في وحدة مناسبة ومملوكة بالكامل لمستخدميها. تجبر مثل تلك التدخلات الحكومية المستثمرين المستقلين في سوق عقارات المدينة على مسارين، الأول مشاركة الدولة في خططها التنموية والقبول بالشروط الموضوعة للمشاركة، ومن ضمنها التقييم العادل لسعر العقار، والثاني عدم المبالغة في طرح الوحدات المملوكة لهم بشكل كامل بأسعار مستفزة لأن عزوف العميل عنها سيصبح أمرًا لا مفر منه. على هذا الأساس ينصحك خبراء العقارات المتمرسين لتحصل على سعر جيد بالمفاضلة بين أكثر من خيار وعدم التسرع، والابتعاد عن مركز المدينة بأسعاره المرتفعة، وهو هنا نطاق الحرم النبوي الشريف، والخروج إلى فضاءات العمران الجديدة على أطراف المدينة، التعرف على طبيعة وأسلوب الأسرة في السكن، ومن ثَم انتقاء الوحدة التي تناسب ذلك، أما المبالغة في الطلبات والرفاهيات فستعني بشكل مباشر عدم القدرة على التملك لأنك تطلب ما يفوق قدرتك الشرائية وميزانيتك المالية، وبذلك أنت لست مشتري أنت تعيش في أحلام اليقظة
